تعتمد الأمم والأشخاص على بعضهم البعض، من أجل إشباع الحاجات المشتركة للحياة اليومية ،وإذا كان المجتمع الدولي يتجه اليوم إلى تحقيق العالم الموحد، فإن ذلك يقتضي أيضاً أحكام قانونية تحكم العلاقات الاقتصادية الدولية ، لاسيما في المجالات التجارية والمالية والاقتصادية، وقد أدرك المجتمع الدولي هذه الحقيقة في ظل النظام الاقتصادي الدولي الحديث.
وقد أدت زيادة حجم المعاملات والمبادلات العابرة للحدود التي يعرفها الاقتصاد العالمي منذ بداية القرن العشرين، مفهوما مغايرا للضريبة بصفة عامة وللسيادة الضريبية بصفة خاصة، فبعد أن كانت الضريبة تقتصر على مصلحة أو حدود الدولة الواحدة تعدتها لتصبح امتدادا للمصلحة الدولية، في ظل عدم قدرة التشريعات الوطنية على مسايرة التحديات الاقتصادية الجديدة المفروضة، مما أدى إلى بروز الإشكاليات الضريبية ذات الطابع الدولي ولعل أبرزها ما يعرف بظاهرة الازدواج الضريبي الدولي، مع عدم ملائمة الطرق التقليدية وقصور التشريعات الداخلية عن مواكبة هذه التطورات ، ومن ثم برزت الحاجة إلى آليات مختلفة لمعالجة هذه الظاهرة ولضمان تسوية المنازعة الناشئة عنها ، ومن ثم كانت الاتفاقيات الضريبية الدولية الثائية منها والجماعية كآلية لمعالجة الازدواج ومكافحة التهرب الضريبي الدولي وتسوية المنازعات الناشئة عنها ، غير أن دور الاتفاقيات الثنائية أكثر فعالية في هذا المجال ، ويكون دور الاتفاقيات الجماعية خصوصا المنبثقة عن المنظمات الدولية كنموذج يحتذي به ، مثل الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ، وهو الأكثر شيوعا ، والاتفاقية النموذجية للأمم المتحدة United Nations Organazation والتي راعت جانب الدول النامية Development Countries.
وتلعب الاتفاقيات الضريبية دور هام في ضبط المصطلحات في المجال الضريبي وتحديد ضوابط الخضوع للضرائب ، بالإضافة الي تحديد الأساليب التقنية الكفيلة بالحد من الازدواج الضريبي بين الدولتين من خلال توزيع الاختصاص الضريبي بينهما بالنسبة للعديد من الضرائب المتعلقة بالدخل و الثروة، و اعتماد طريقة الخصم كآلية تسمح بتجنب الازدواج الضريبي خاصة عندما يمنح الحق في فرض الضريبة لكلتا الدولتين، وكذالك الإجراءات الودية الخاصة بحل بعض المشاكل المطروحة وخاصة منها آليات تقييم أسعار التحويل ومنح معدلات تمييزية من أجل تشجيع الاستثمارات الأجنبية ، كما تسعى الاتفاقية أيضا إلى مكافحة التهرب الضريبي الناشئ بين الدولتين، حيث نصت على ضرورة تبادل المعلومات الضريبية بين الدولتين المتعاقدتين ، إلى جانب اعتمادها مبدأ عدم التمييز بين الأشخاص بسبب جنسيتهم، من حيث الالتزامات الضريبية المفروضة عليهم ، و هذا ما يعتبر بمثابة ضمان للممولين، يسمح بدعم العلاقات الاقتصادية بين الدولتين.
مما يؤدي بمؤسسات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأخذ في الحسبان لهذه البنود عند اختيارها للبلد المضيف.